إعلانات

إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)التوبة

الجمعة، 10 يناير 2014

فضل رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال تفسير الشيخ إبراهيم نياس للقرءان الكريم

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله
فضل رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال تفسير الشيخ إبراهيم  نياس للقرءان الكريم
على فترة من الرسل وانقطاع من الوحي أرسل الله محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام إماما للنبيئين وخاتما للمرسلين ورحمة للعالمين.. وقرن الله تبارك وتعالى طاعته بطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم (ومن يطع الرسول فقد أطاع الله) ، ومبايعته بمبايعته (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم)، ورضاه برضاه ( والله ورسوله أحق أن يرضوه)، وعزته بعزته (ولله العزة ولرسوله وللمومنين )، وقرن ذكره بذكره بالشهادتين ورفع ذكره (ورفعنا لك ذكرك).. وكان النبي يبعث إلى قومه والمصطفى عليه الصلاة والسلام بعث إلي الناس كافة بل إلي الجن والإنس (وما أرسلناك إلا كافة للناس)، ولواء الحمد بيده صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، والشفاعة له، والوسيلة والفضيلة، وهو صاحب المقام المحمود (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا)، أسري الله به إلى أن تجاوز سبع سماوات ثم دنا فتدلى حتى كان قاب قوسين أو أدنى، ونودي في ذلك المقام (ما كذب الفؤاد ما رأي ) وقال الحق عنه (ما زاغ البصر وما طغي).

والرسول صلى الله عليه وسلم برهان من الله ( قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا )، خلقه الله لنفسه "خلقتك لنفسي وخلقت الخلق من أجلك"، وهو عبد الله المطلق اصطفاه من خلقه، أرسله الله وأعطاه الإذن بأن يخرج الناس كافة من الظلمات إلى النور واستجابت له الخلائق، وتجمع فيه ما تفرق في النبيئين من الأخلاق وخاطبه الحق (وإنك لعلى خلق عظيم) وصلى عليه وأمر بالصلاة عليه (إن الله وملائكته يصلون على النبيء يأيها الذين ء امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)، وشرط محبته بإتباع النبي صلى الله عليه وسلم (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله).. هذا النبي الكريم ذي الشأن العظيم أخذ الله الميثاق من الأنبياء والمرسلين والأمم بإقرار نبوءته وأن يتواصوا به قرنا بعد قرن قال تعالي (وإذ اخذ الله ميثاق النبيئين لما ءاتيناكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتومنن به ولتنصرنه قال أقررتم وأخذتم على ذلكم اصرى قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين) .
لقد دلت البراهين القاطعة على أن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم هو أفضل من دعا إلى الله وهدى وهو إمام المتقين وقائد الغر المحجلين وخير الخلق أجمعين وأفضل الأنبياء والمرسلين ..
وسنستعرض ذلك بالتفصيل من خلال تفسير مولانا الشيخ إبراهيم نياس للقرءان الكريم الذي جمعه وحققه ونشره أخانا الفاضل السيد محمد بن الشيخ عبد الله (مطابع مجمع اليمامة تونس يناير2010)، نتناول ذلك من خلال المحاور التالية :
1) أدلة أفضلية الرسول صلى الله عليه وسلم
2) من خصائصه عليه الصلاة والسلام
3) أسماء النبي صلى الله عليه وسلم
4) الصلاة على المصطفى صلى الله عليه وسلم..
5) الإسراء والمعراج

1) الدلائل القاطعة على أفضلية محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام:
في تفسيره لقوله تعالى (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات) من الآية  253 من سورة البقرة قال الشيخ إبراهيم نياس (ص213 ج1):
ذكر في هذه الآية أن الأنبياء فضل الله بعضهم على بعض. اتفقوا على أن الأنبياء بعضهم أفضل من بعض، واجمعوا على أن محمدا صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء والمرسلين وذلك بوجوه عديدة منها:
أن الله تبارك وتعالي أخبر في القرءان أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسله رحمة للعالمين بقوله (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، لما كان رحمة للعالمين جميعا ثبت أن يكون أفضل العالمين جميعا، لأن كل واحد من العالم مرحوم بسبب محمد صلى الله عليه وسلم فصار محمد أفضل من الجميع.
والله تبارك وتعالي قرن طاعته بطاعته، ومبايعته بمبايعته، ورضاه برضاه، وعزته بعزته قال تعالى (ومن يطع الرسول فقد أطاع الله) وقال تعالى (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم) وهذه اليد يد محمد صلى الله عليه وسلم، ورضاه برضاه (والله والرسول أحق أن يرضوه)، وعزته بعزته (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين)، وأيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر الله في كتابه أنه رفع ذكره (ورفعنا لك ذكرك) وذلك بأن قرن ذكره بذكر الله عند الأذان وعند الإقامة وعند الخطبة وعند التشهد وعند النطق بالشهادتين، من قال (أشهد أن لا إله إلا الله) قال (أشهد أن محمدا رسول الله) وهذا لم يكن لغيره من سائر الأنبياء.
والله تبارك وتعالى أخبر في كتابه أنه خاتم النبيئين وهذا يدل أنه أفضل منهم جميعا لأنه غير معقول أن يختم شيء فاضل بشيء مفضول، الصانع إذا أتى لآخر عمله يأتي ببراعة عمله ويجعله ختاما، فلما كان محمد خاتم النبيئين تبين أنه أفضل منهم جميعا، لأن الختم بشيء مفضول غير معقول وغير حكمة.
والله أخبر في كتابه أن أمة محمد خير الأمم جميعا (كنتم خير أمة أخرجت للناس) من أين لهم بهذا؟ من النبي صلى الله عليه وسلم. لما كنا خير أمة بسبب محمد صلى الله عليه وسلم تبين أن محمدا أفضل من الأنبياء الذين أرسلوا إلى الأمم قبلنا : وكتابه أفضل من كتبهم ودينه أفضل من أديانهم وشريعته أفضل من شرائعهم ، ومع ذلك فهو أكثرهم معجزة ؛ موسي هو أكثر الأنبياء معجزات ذكر الله انه أعطاه تسع آيات بينات ومحمد صلى الله عليه وسلم أعطاه الله من البينات ما لم يعط لأحد من الأنبياء قبله ومع ذلك تحدى الله في القرءان بسورة واحدة (فأتوا بسورة من مثله ) واقصر السور "إنا أعطيناك الكوثر" وهي ثلاث آيات .. ظهر من هذا أن ثلاث آيات في القرءان معجزة ، والقرءان أكثر من ستة آلاف ءاية فإذا تضمن القرءان وحده من المعجزات ما يزيد على ألفي معجزة، علما بان موسي ليس عنده من المعجزات إلا تسع ءايات ، فضلا عن المعجزات التي ظهرت لأصحابه وقد ترك من الصحابة مائة ألف وأربعة عشر ألفا كل واحد شاهد معجزة ما شاهدها غيره.
وكان النبي يبعث إلى قومه والمصطفى صلى الله عليه وسلم بعث إلى الناس كافة بل إلي الجن والإنس ، والله يقول في كتابه (وما أرسلناك إلا كافة للناس) ولما كان رسولا إلى جميع الناس كانت مشقته اكبر من مشقة جميع الأنبياء لأنهم كلهم بعث في قومه فقط فإذا كانت المشقة اكبر يكون الفضل اكبر..
لهذا فالنبي صلى الله عليه وسلم أفضل من الأنبياء جميعا وأيضا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: أنا سيدنا ولد آدم ولا فخر ءادم فمن دونه تحت لوائي يوم القيامة فظهر بهذا انه أفضل من ءادم ومن جميع أبناء ءادم.
طلع علي يوما فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: هذا سيد العرب ، قالت عائشة :سيد العرب وأنت حاضر؟ قال :هو سيد العرب وأنا سيد العالمين .. والعالمين يدخل فيه جميع الأنبياء، بل حتى الملائكة. وأيضا فإن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوما إلى صحابته فوجدهم يتحدثون قال قائل : عجبا لإبراهيم اتخذه الله خليلا وقال آخر ءادم صفى الله وخلقه الله بيده واسجد له الملائكة ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وقال :سمعت ما تقو لون ، نعم اتخذ الله إبراهيم خليلا كما قلتم ، وكلم موسي تكليما كما قلتم، وجعل عيسى بن مريم روح الله وكلمته كما قلتم وآدم صفي الله وخليفته في الأرض ولكن أنا اتخذني الله حبيبا ، فكما اتخذ إبراهيم خليلا اتخذني أنا حبيبا ، والذي نفسي بيده لو جاء موسى بن عمران الذي أنزلت عليه التوراة وعيسى بن مريم الذي انزل عليه الإنجيل ما وسعهم إلا إتباعي .
والحبيب فوق الخليل، الله ذكر الخليل وذكر الحبيب، من خلال القرءان نفهم فضلية الحبيب على الخليل ؛ الخليل إبراهيم ، والخليل من يعطي مطلبه من خليله ، الخليل من الخلة لأن الخليل من تسد خلته ويسد خلتك ، فاقتضي هذا أن كل خليل طلب منه خليله شيئا يساعده في مطلوبه ؛ وهكذا رأينا إبراهيم قال( والذي اطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين) هذا طلب منه طلب من الله أن يغفر له خطيئته يوم الدين فأعطاه الله مطلبه، ومحمد صلى الله عليه وسلم من غير طلب ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر  ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما) الخليل قال : (واجعل لي لسان صدق في الآخرين ) طلب من الله  أن يكون ممدوحا في من يأتي من بعده فاستجاب الله منه هذا الدعاء، حتى اليهود يقولون إنهم على دين إبراهيم والنصارى يقولون إنهم على دين إبراهيم والمسلمون على دين إبراهيم ، هذا يكفي من الثناء ، ولكن هذا لا يبلغ (ألم نشرح لك صدرك ... ورفعنا لك ذكرك ) قرن ذكره بذكره وقال الخليل (واجنبني وبني أن نعبد الأصنام) وقال لحبيبيه ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ) من غير طلب . والخليل كان مهاجرا إلى الله تبارك وتعالي فقال : (إني ذاهب إلي ربي سيهدني ) فكان الذهاب منه ، ومحمد صلى الله عليه وسلم أسرى به ( سبحان الذي اسري بعبده ليلا) ذلك ذهب بنفسه وهذا اسري به بقدرة الله تبارك وتعالي من غير تكلف ولا مشقة ؛ فلما كان عطاء محمد صلى الله عليه وسلم وهبيا كذلك أمته وموسي جاء للميقات بنفسه ( ولما جاء موسي لميقاتنا)  فكان المجيء منه مؤنة وأمة محمد تبعا لمحمد صلى الله عليه وسلم كذالك لما اسري الله بالنبي صلى الله عليه وسلم كشف لنا نحن آياته من غير تكلف (سنريهم آياتنا في الأفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم انه الحق ) بالمعونة لا بالمؤنة.
ومحمد صلى الله عليه وسلم أفضل من جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بهذه الوجوه وزيادة ؛ لواء الحمد بيده يوم القيامة والشفاعة له والوسيلة له . جاءوا لآدم ولنوح ولإبراهيم  ولموسي ولعيسي كلهم يقول :نفسي نفسي : ولما أتوا لمحمد قال : أنا لها أنا المستحق للشفاعة .
وقال: خيرني الله تبارك وتعالي بين أن يدخل نصف أمتي الجنة وبين أن يعطيني الشفاعة فاخترت الشفاعة لأنها أوسع قال: شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي) . وقال الله:( ولسوف يعطيك ربك فترضي )  وقال صلى الله عليه وسلم :أنا أول من يقرع باب الجنة فأدخلها ، حرام على جميع الأنبياء والمرسلين أن يدخلوا الجنة وحرام على أممهم أن يدخلوا قبل أمتي . والذين يدخلون الجنة مائة وعشرون صفا ثمانون من الصفوف من هذه الأمة والأربعون من سائر الأمم وقال : أنا أول من تنشق عنه الأرض ، أول من يبعث,
كل هذا دلائل قاطعة على أن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من سائر الأنبياء ؛أعلى الأنبياء مقاما إبراهيم وموسي وعيسى، موسي عليه الصلاة والسلام جاء للميقات لمناجاة الله تبارك وتعالى ومناجاته عند جبل الطور والنبي صلى الله عليه وسلم تجاوز سبع سماوات ثم دنا فتدلى حتى كان (قاب قوسين أو أدنى) فنودي في ذلك المقام هذا أعلى من مناجاة موسي عند جبل الطور . وموسي اخبر الله في حقه أنه طلب الرؤية (رب ارني  انظر إليك) فكان الجواب (لن تراني) ومحمد صلى الله عليه وسلم اخبر القرءان (ما كذب الفؤاد ما رأى).. وموسي خر صعقا (وخر موسي صعقا) أي مغشيا عليه ، ومحمد صلى الله عليه وسلم (ما زاغ البصر وما طغى) .
الله خاطب جميع الأنبياء والمرسلين با سمائهم : يا نوح يا إبراهيم  يا موسي يا عيسي يا آدم يا داوود كلهم يناديه بتجريد اسمه لأنهم على جلالة مقاماتهم كلهم عبد له فقط ، وأما  محمد صلى الله عليه وسلم فما دعاه باسمه ولو مرة واحدة : يا أيها الرسول ، يا أيها  النبي ، يأيها المدثر.. نعم ذكر اسمه في القرءان لأنه لو لم  يذكر اسمه لا نعرف هذا الخلق العظيم من هو، ذكره وما ذكره  إلا وقرن مع ذكره الرسالة ( وما محمد إلا رسول ) (محمد رسول الله) ( ما كان محمد أبا احد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيئين ).
هذا الفرق بين نبينا والأنبياء قبله ، وحيث نص القرءان انه فضل بعض الأنبياء على بعض وشاهدنا هذه الفضائل وهذه الحجج الدامغة على كون محمد صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء ، فما يشك في أفضلية محمد صلى الله عليه وسلم إلا من لم يؤمن بهذا القرءان فخرج من الدين تماما.

*محمد صلى الله عليه وسلم تجمع فيه ما تفرق في الأنبياء*
تعليقا على الآية الكريمة ( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ) من الآية  90  من سورة الأنعام، قال الشيخ إبراهيم نياس (ص226ج2) :
هذه الآية أدل دليل على أفضلية الرسول صلى الله عليه وسلم على جميع الأنبياء والمرسلين. ذكرهم الله كلا وكلهم له خصلة حميدة فاق فيها ؛ هم كلهم تخلقوا بجميع الأخلاق الحميدة ، ولكن كلهم تفرد بخصلة اشتهر بها؛ فكان داوود وسليمان من أهل الشكر جمعا بين المملكة والنبوة فشكرا الله تبارك وتعالى ، فهما من أهل الشكر ، وايوب من أهل الصبر، وموسي من أهل المعجزات الباهرات، وزكرياء  ويحي وعيسى من أهل الزهد في الدنيا ، ويوسف كان  جامعا  بين الصبر والشكر في بدايته صابرو في نهايته شاكر.. لما تخلقوا بهذه الأخلاق كلا فأمر محمد صلى الله عليه وسلم أن يقتدي بهم جميعا، هذا دليل على أنه أفضل منهم جميعا لأنه تجمع فيه ما تفرق فيهم.

محمد صلى الله عليه وسلم أفضل من الملائكة
في معرض تفسيره لقوله تعالي ( إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين وما صاحبكم  بمجنون ) الآيات 19 و20 و21   من سورة التكوير، قال الشيخ إبراهيم نياس(ص288 ج 6 ):
المعتزلة ضلوا من هذه الآية قالوا أن جبريل خير من  محمد لأن الله وصف جبريل بأوصاف  عظيمة ومحمد ما تجاوز أن برأه من الجنون . نسوا ما تقدم في القرءان كلا من التنويه بمحمد صلى الله عليه وسلم . الملائكة والبشر اختلف في تفضيل بعضهم على بعض والصحيح أن جنس الملائكة مجموعهم ما فيه نقص كلهم (لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يومرون ) بخلاف البشر. وأما أفراد من الأمة من البشر فهم خير من الملائكة. يوجد منا أفراد هم خير من الملائكة’ هذا هو الصحيح ومحمد صلى الله عليه وسلم أفضل جميع بني ءادم مطلقا فكيف يقارن بينه وبين ملك وفى بني آدم من هو خير من الملائكة. وصف الله بني ءادم بأنهم خير البريئة كما أنهم شر البريئة’ إذا اجتمع خير البشر وشره  واجتمع الملائكة ولا شر فيهم’ نعم هذه الجماعة خير من هذه الجماعة ’ أما إذ تخيرنا أفرادنا ففينا من هو أفضل من جميع الملائكة.

2) من خصائصه صلى الله عليه وسلم :
*قدر رسول الله صلى الله عليه وسلم واستغفاره لذنبه *
تعليقا على تفسير الآية الكريمة:(وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما) من الآية 113  من سورة النساء ، قال الشيخ إبراهيم نياس (ص61/ج2):
 الله تبارك وتعالي وهب رسول الله صلى الله عليه وسلم العلم،وقال أن ذلك فضل عظيم على رسول الله صلى الله عليه وسلم. إن الله أعطى الرسول صلى الله عليه وسلم من عظمة القدر ما لم يعط لعبد غيره صلى الله عليه وسلم ؛ فقدر الرسول صلى الله عليه وسلم عند الله على ثلاث مراتب :له قدر صغير وله قدر وسط وله قدر عظيم، فقدر رسول الله صلى عليه وسلم الصغير أن كل من علم خيرا أو علم علما يقسم الله له ثواب ذلك ويضاعف ثواب المعلم لمعلمه ،ويضاعف ذلك لمعلم ذلك كلما كانت السلسلة أعلى تكون المضاعفة أكبر حتى ينتهي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، فله في كل مسألة اكبر حظ من الثواب والفضل’ وكل ما يعلم من خير فصادر عن الرسول صلى الله عليه وسلم’ هذا قدره الصغير وقدره الوسط لا يعرفه حقيقة إلا الرسول صلى الله عليه وسلم ’ وقدره الكبير لا يعلمه إلا الله كل يوم يترقي في معرفة نفسه ويعلم من نفسه ما لم يكن يعلم .
وهذا هو استغفاره صلى الله عليه وسلم (إنه ليغان علي فاستغفر الله في اليوم سبعين مرة) وفي رواية مائة مرة. وهو صلى الله عليه وسلم معصوم من الذنب.. عاجز عن ارتكاب أية مخالفة عجزا ذاتيا  كعجز الإنسان عن الطيران في الهواء ، ومع ذلك خوطب ب( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) لو فرضنا أن له ذنبا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، إذا استغفاره عن أي شيء وغينه عن أي شيء؟ العارفون لا يرون غير الله تبارك وتعالي وهو إمام العارفين  هذا الغين ليس غين أغيار سأله عارف فأجابه :غين أنوار لاغين أغيار يعني كلما ترقي في ذات الله تبارك وتعالي تجدد عنده من المعارف ووجد من الخدمة والآداب في نفسه ما تستحقه تلك المرتبة بالنسبة إلى هذا التجلي الأخير، فيكون يرى انه مهما كان عليه من الجد والاجتهاد في الوقت الماضي فهو كان ناقصا بالنسبة إلى ما هو عليه الآن فيستغفر الله من ذلك .

*محمد صلي الله عليه وسلم برهان من الله*
قال الله تبارك وتعالي ((يا أيها الناس قد جاء كم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا )) الآية174 من سورة النساء.. في تعليقه علي هذه الآية الكريمة قال الشيخ إبراهيم نياس (ص 102/ج2):
كل رسول يأتي معه برهان ،نحن جاءنا رسول هو نفسه برهان من ربنا تبارك وتعالي ،حيث كان موسي برهانه في عصاه ((فألقي عصاه فإذا هي ثعبان مبين ))وعيسي نزلت مائدة من السماء، وصالح أخرج ناقة من الجبل ،كلهم له برهان في غير ذاته ؛فالرسول صلي الله عليه وسلم هو نفسه برهان من الله تبارك وتعالي،وكل جزء من أجزائه برهان من الله تبارك وتعالي ؛فبرهان عينيه كان يقول :((أقيموا الصفوف فاني أراكم من ورائي كما أنظركم من أمامي))، وبرهان بصره ((ما زاغ البصر وما طغي ))،وبرهان أنفه قال :((إني أجد نفس الرحمن قبل اليمن)) أي شم رائحة الله تبارك وتعالي قبل اليمن ،فبعد وفاته في خلافة عمر خرج أو يس القرني خليفة الله في اليمن هو الذي كان يشم الرسول صلي الله عليه وسلم رائحته في حياته،هذا برهان أنفه ،وبرهان يديه ((وما رميت إذ رميت ولكن الله رمي))،((إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم))، وبرهان قلبه ((ما كذب الفؤاد ما رأي)) ،وبرهان صدره ((كان يصلي ولصدره أزيز كأزيز المرجل من خوف الله تبارك وتعالي)) وبرهان لسانه ((ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحي))؛فلما تجمعت هذه الأعضاء كلا صارت نفسه كلا برهانا خرج من الأرض وتجاوز السماوات السبع والعرش والكرسي حتى وصل إلي مقام ((دنا فتدلي)) فتجاوزه إلي مقام ((قاب قوسين)) فتجاوزه إلي مقام ((ادني))؛فلهذا قال الله تبارك وتعالي :((قد جاءكم برهان من ربكم )) محمد نفسه برهان وكل جزء من أجزائه برهان ، حيث أن الأنبياء قبله كلهم له برهان في غيره ((سنريهم ءايا تنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق )).

*جميع العوالم خلقت من نور محمد صلي الله عليه وسلم*
قال تعالي:((لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمومنين رءوف رحيم))-الآية 128  من سورة التوبة ..ضمن تفسيره لهذه الآية  قال الشيخ إبراهيم نياس (ص 72/ج3) :
هذا الرسول محمد صلي الله عليه وسلم ،قرئ "من أنفسكم "وقرئ"من أنفسكم" الرسول صلي الله عليه وسلم أرسله الله من بني هاشم وهو يقول صلي الله عليه وسلم:إن الله لما خلق الخلق اختار منهم آدم فأختار من بني آدم العرب وأختار من العرب بني كنانة، وأختار من بني كنانة قريش وأختار من قريش بني هاشم ،وأختار ني من بني هاشم فأنا خيار إلي خيار.
والرسول صلي الله عليه وسلم من أنفسهم من أنسبهم له الحسب والنسب في كل بطون قريش ومتصف بصفات الكمال ،عزيز عليه مشقتكم،حريص علي هدا يتكم .
إن الله تبارك وتعالي أوجد الرسول صلي الله عليه وسلم روحانيته علي كيفية صورته في حياته،واليه يشير ((إن الله خلق آدم علي صورته)) فتعالي الله ؛رأسه من البركة صلي الله عليه وسلم ،وعيناه من الحياء،وأذناه من العبرة،وشفتاه من التسبيح ،ولسانه من الذكر،وقلبه من الرحمة ،وفؤاده من الشفقة ،وكفاه من السخاوة ،وريقه من عسل الجنة،فلهذا ما تفل في بئر الاصار عذبا ،وشعره من نبات الجنة،فجاء فينا رؤوفا رحيما. حلاه الله بحليته،الله رؤوف رحيم والنبي رؤوف رحيم ولكن الفرق بين مقام الالوهية ومقام العبودية ظاهر في الآية :إن الله بالناس لرؤوف رحيم ،النبي بالمومنين رؤوف رحيم. الله رؤوف رحيم بالناس كلا، فإذا القي رأفته ورحمته في الناس خرجوا مؤمنين فإذا كانوا مؤمنين دخلوا في رأفة النبي ورحمته ؛ فرحمة الله ورأفته هي الجاذبة للعبد حتى يصل إلي رحمة النبي ورأفته ..
الرسول صلي الله عليه وسلم هو أول ما خلق الله وخلقه الله لنفسه وخلق الخلق لأجله ((خلقتك من اجلي وخلقت الخلق من أجلك )) يقول:((أنا من الله والمؤمنون مني ))؛فعلي هذا جميع العوالم والأفلاك والسماوات والأرضين خلقت من نور الرسول صلي الله عليه وسلم . سأل يوما جبريل عليه الصلاة والسلام :كم مر عليك من الزمن ؟ قال جبريل: لا أعرف بيد أن وراء الحجاب الرابع كوكبا يطلع في كل سبعين ألف سنة مرة واحدة وتذكرت انه طلع علي اثنتين وسبعين ألف مرة، ضحك النبي صلى الله عليه وسلم وقال له : أنا ذلك الكوكب .. إذا الرسول صلي الله عليه وسلم أقدم من جبريل.
*نبينا رحمة لجميع العالمين*
قال الله تبارك وتعالي :((وما أرسلناك الارحمة للعالمين))- الآية 107  من سورة الأنبياء – وفي معرض تعليقه علي هذه الآية قال الشيخ إبراهيم نياس(ص 145  ج 4 ):
هذا رسولنا محمد صلي الله عليه وسلم عبد الله المطلق،بحيث أن الله ليس له عبد إلا محمد صلي الله عليه وسلم فكل عبد جزء من محمد صلي الله عليه وسلم ؛فلهذا يوم القيامة يقول :أمتي  حيث يقول كل نبي نفسي ،لما كان هو عبد الله، وكل عبد جزء من هذا العبد وهو الكل من مجموع خاطبه الحق بأنه أرسله رحمة لجميع خلقه الانس والجن والملك . سأل صلي الله عليه وسلم جبريل :هل نالك شيء من رحمتي التي ذكر الله إني رحمة لجميع العالمين؟قال جبريل :نعم ،كنت أخشي العاقبة لما رأيت ما وقع في ابليس ، كنت أخاف جدا علي خاتمتي حتى ذكرني القرءان بالصفات التي ذكرني بها ((مطاع ثم أمين)) فأمنت.

*القرءان هو عين محمد صلي الله عليه وسلم*
وفي تفسيره لقوله تعالي :((وأنك لعلي خلق عظيم )) –الآية 4 من سورة القلم ، قال الشيخ إبراهيم نياس (ص 201 ج 6 ):
أخبر الجليل تبارك وتعالي أن محمدا صلي الله عليه وسلم علي خلق عظيم قالت عائشة :كان خلقه القرءان .من أحب أن يعرف خلق محمد فليقرأ القرءان ((قد أفلح المومنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون)) إلي آخر السورة .
هذه أخلاق محمد صلي الله عليه وسلم أخلاق محمد القرءان ، كل ما أمر به القرءان يقوم به وكل ما نهي عنه القرءان لم يقرب منه صلي الله عليه وسلم ،بل القرءان هو عين  محمد صلي الله عليه وسلم ، القرءان معنوي ومحمد حسي ، فكل ما في القرءان فهو في محمد صلى الله عليه وسلم حتى أنك إذا تفكرت تجد أن القرءان تشخص في محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ..هذا معني وهذا حس ، جاء القرءان مخصوصا بوجود محمد بن عبد الله بن عبد المطلب تجمع فيه جميع أخلاق الأنبياء.والأنبياء لهم مكارم الأخلاق ولكن تفا وتوا في بعض الأخلاق . في محمد صلي الله عليه وسلم صفاء آدم ،وفي محمد صلي الله عليه وسلم شكر نوح ،وفي محمد صلي الله عليه وسلم خلة إبراهيم ، وفي محمد صلي الله عليه وسلم إخلاص موسي ،وفي محمد صلي الله عليه وسلم صبر أيوب ، وزهد عيسي ويحي ؛وفي محمد صلي الله عليه وسلم صبر وشكر يوسف هو جمع بين المقامين فابتلي فصبر وأعطي النعمة أخيرا فشكر .
فلهذا خاطبه القرءان (( أولئك الذين هدي الله فيهداهم أقتده)) اقتدي بهم في أي شيء ؟ ليس في الشريعة فشريعته ناسخة لشرائعهم فلا يمكنه أن يقتدي بهم في الشريعة ولكن كلهم جمع مكارم الأخلاق وكل ما تفرق فيهم أجتمع فيه هو صلي الله عليه وسلم، فهو فرد جمع ،هو محمد جميع الأنبياء ، وأخلاق جميع الأنبياء وكمالاتهم ومكارم أخلاقهم فيه صلي الله عليه وسلم.فلهذا وصفه الحق بأن خلقه عظيم .. خلقه عظيم لأن الإنسان له قوتان :قوة عقلية وقوة عملية ،والمصطفي صلي الله عليه وسلم قوته العقلية لم يستعملها قط إلا في العلم والمعرفة ،وقوته العملية لم يستعملها قط إلا في الفرض والواجب والمستحب . أما الحرام فلا، الحرام والمنكر ما قرب منهما قط. كل قوته العملية في الفرض والواجب والمستحب وكل قوته العقلية في العلم ومعرفة الله تبارك وتعالي.
فقال تعالي:((وانك لعلي خلق عظيم )) وفسر صلي الله عليه وسلم هذا بمكارم الأخلاق قال:((أن تعفو عمن ظلمك وتصل من قطعك وتعطي من حرمك)) ولما وصف الجليل تبارك وتعالي المصطفي صلي الله عليه وسلم بحسن الخلق علمنا أن حسن الخلق شيء عظيم. عبر عن ما عند المصطفي صلي الله عليه وسلم من الكرامات والمعجزات والأعمال الجليلة بحسن خلقه . أول ما يوزن من أعمال العبد حسن خلقه ؛فمن حسن خلقه نال الدرجة العليا عند ربه تبارك وتعالي.
*علوم النبي عليه الصلاة والسلام*
ضمن تفسيره لقوله تعالي :((يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالاته والله يعصمك من الناس))-الآية 67  من سورة المائدة قال الشيخ إبراهيم نياس (ص 154/ج2) :
كان الرسول الله صلي الله عليه وسلم إذا نزلت ءاية شديدة علي الكفار يتردد في تبليغها إليهم مخافة أن يزدادوا كفرا فنزلت عليه هذه الآية فبلغ كل ما أنزل إليه ؛فلهذا قالت عائشة:((من ادعي أن محمدا كتم شيئا مما علمه الله فقد أعظم علي الله الفرية ))أي الكذب . والرسول صلي اله عليه وسلم أعطاه ثلاثة علوم :علم خذ الله عليه العهد أن  يبلغه ولا يكتم منه شيئا ،وقد بلغه ولم يكتم منه حرفا وذلك هو القرءان وكل ماسئل عنه من أحكام الشريعة ، وعلم خيره الله ان شاء بلغه وان شاء لم يبلغه ،فبلغ الخواص ذلك العلم وكتمه عن الباقين ، وهو العلم الذي يتفوه به المجاذيب عندما يصلون إلي الفناء المحض ، وعلم أخذ عليه العهد بكتمه فكتمه وهو علم سر القدر لم يبلغه لأحد .

*محمد صلي الله عليه وسلم أرسله الله وأعطاه الإذن *
قال الله تبارك وتعالي :((بسم الله الرحمن الرحيم ألر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلي النور بإذن ربهم إلي صراط العزيز الحميد)).. الآية 1  من سورة إبراهيم .. وفي تفسيره لهذه الآية قال الشيخ إبراهيم نياس (231/ج3):
الرسول صلي الله عليه وسلم كلف أن يخرج الناس كافة من الظلمات إلي النور بإذن الله ،وله الإذن في ذلك ،موسي مبعوث أيضا أرسله الله ولكن ((أن أخرج قومك من الظلمات إلي النور)) ما كلفه أن يخرج الناس كلا كما كلف محمد صلي الله عليه وسلم بل قومه يخرجهم من الظلمات إلي النور ،و((بإذن ربهم )) الذي جاء في حق محمد صلي الله عليه وسلم ما جاء في حق موسي ،محمد صلي الله عليه وسلم الذي أرسله الله وأعطاه الإذن استجابت له الخلائق منذ زمانه وهلم جرا،المسلمون اليوم أكثر من ستمائة مليون .
موسي أرسله الله إلي فرعون وملئه ، فرعون ما آمن به ،والملأ ملأ فرعون ألقبط ما آمنوا ،ما آمن أحد منهم لأنه لم يقرن إرساله بإذن الله كما قرنه لمحمد صلي الله عليه وسلم ،لذا أختار المسلمون في أعمالهم الإذن الصحيح المتصل ،أذن الرسول الله صلي عليه وسلم لأصحابه في ذكر الله وأذنوا للتابعين وأذنوا للشيوخ وهلم جرا ،فمن ذكر ذكرا بإذن فهو لابد نافع ومنتفع ومن ذكر ذكرا ليس له فيه إذن ربما سلامته إذا وجدها فذلك ربحه.
محمد صلي الله عليه وسلم كلف بشيء هو أصعب،إخراج الناس كلا من الظلمات إلي النور . ما خرجوا إلي الآن حتى فرعون والده ما خرج من الظلمات إلي النور.
    
*محمد صلي عليه وسلم أتقي عباد الله *
ضمن تفسيره لقوله تعالي:((فلعلك باخع نفسك علي ءاثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا)) –الآية 6 من سورة الكهف ، قال الشيخ إبراهيم نياس (ص 6/ج4) :
ان محمد صلي الله عليه وسلم كان هو أتقي عباد الله تبارك وتعالي ،فما أمره الله تبارك وتعالي بشيء الابا لغ في امتثاله حتى زجره؛ أمره بالإنفاق فأنفق جميع ما عنده حتى لباسه وبقي في بيته عريانا فنهاه الله عن ذلك((ولا تجعل يدك مغلولة إلي عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد  ملوما محسورا )) ، وأمره بالصلاة فصلي حتى ورمت قدماه من شدة خوفه من الله تبارك وتعالي ، ولما أمره بالتبليغ اشتد تبليغه حتى صار الحق تبارك وتعالي يخاطبه بهذا ((فلعلك باخع نفسك علي ءاثارهم)) تهلك نفسك حرصا علي إيمانهم بهذا القرءان أسفا أي غيظا وخزنا ؛ فان عباد الله يلازمون الحزن دائما ،والنبي صلي الله عليه وسلم كان متواصل الأحزان وكل الصالحين .أما أهل الدنيا فهم الذين يتغافلون عما هنالك ويضحكون ولا يبكون ،وهو صلي الله عليه وسلم يقول ((لوتعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا)) .

3 ) أسماء النبي صلي الله عليه وسلم :
*أسماؤه صفاته عليه الصلاة والسلام *
 تعليقا علي قوله تعالي:((ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيئين )) – الآية 40 . من سورة الأحزاب ، قال الشيخ إبراهيم نياس (ص 65 /ج 5 ):
محمد هذا اسمه والله يجل رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يخاطبه كما يخاطب  بعض أنبيائه الذين يناديهم ويخبر عنهم بمجرد اسمائهم :يا آدم يا نوح يا إبراهيم يا موسي يا داوود يا عيسي ، هكذا قرأنا في القرءان ،وما قرأنا في القرءان يا محمد ولا يا أحمد وإنما نقرأ يا أيها الرسول ، ويا أيها النبي ؛ نعم ذكر اسمه صريحا لأنه لولم يذكر اسمه صريحا ما عرفنا هذا الرسول وهذا النبي الذي يعني القرءان فقال ((محمد رسول الله ))، ((ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله )) ذكر اسمه لنعلم هذا الرسول ما اسمه ، ولكن كلما ذكر اسمه لا بد أن يقرن اسمه برسالة وصفات تميزه عن غيره من الأنبياء . محمد اسمه محمد بالرفع والتنوين هذا اسمه ((ما كان محمد أبا أحد من رجا لكم))، ((محمد رسول الله)) ((وما محمد إلا رسول... الآية ))، هو اسمه محمد بالرفع والتنوين. معرفة اسمه من شرط الإيمان: لا اله إلا الله محمد رسول الله..
لابد للمسلم أن يعلم اسم محمد صلي الله عليه وسلم أما اسم أبيه وجده فلا ،لا يشترط أن يعرف الإنسان أنه محمد بن عبد الله ولا سيما ابن عبد المطلب ،بل يكفي مجرد معرفة اسم محمد ؛ ومحمد محمود ليسا واحدا :محمود من عمل ما يحمد عليه ومحمد من استمر في هذا ، كل محمد محمود وليس كل محمود محمدا إلا اذاكان محمد محمود ..
محمد هذا سماه به جده عبد المطلب وقيل له تسميه محمدا وليس في أسماء آبائك وأجدادك؟ قال:تفاؤلا أن يحمده الأولون والآخرون .. ووقع ما كان متفائلا به ، حمده الناس لاسيما إذا جلس في مقامه المحمود ((عسي أن يبعثك ربك مقاما محمودا)) ؛فيقف يشفع في الخلائق فيحمده الأولون والآخرون .
محمد صلي الله عليه وسلم يقول: ما علي أحدكم أن يكون في بيته محمدان أوثلاثة فمن سمي ولده محمدا محبة في النبي صلي الله عليه وسلم فالوالد والولد يد خلان الجنة بشفاعته صلي الله عليه وسلم . أقسم الجليل أن لا يدخل النار من اسمه محمد أو أحمد؛ فلهذا سئل عن أفضل الأسماء فقال ما عبد أو حمد: عبد الله، عبد الرحمن أو محمد واحمد وحامد ومحمود.
 كان واحد من بني إسرائيل لا يقرأ التوراة ويري اسم الرسول إلا وقبله ، وما عمل خيرا قط ،فلما مات امتنع الناس من الصلاة عليه فنزل جبريل وقال لموسي :أخرجوا للصلاة علي ولي الله تبارك وتعالي ،قال:ولي الله؟ من أين وجد هذه المرتبة ما عمل خيرا قط ؟ قال ما نظر إلي اسم محمد في التوراة إلا وقبله، هذا هو الذي لحقه بالأولياء.
وله أسماء كثيرة كلها تدل علي صفاته قال:أنا محمد وانا احمد وأنا الماحي الذي يمحو الله به الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس علي أقدامه ،وهو أول من تنشق عنه الأرض ، وأنا العاقب الذي أتي عقب الرسل . هذه الأسماء صفات له صلي الله عليه وسلم .
ما كان محمد أبا أحد من رجالكم، لهذا ما وجد ولدا ذكرا بلغ مبلغ الرجال.هو ولد له سبعة أولاد:أربع بنات وثلاثة بنين؛ البنات:زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة، زينب أكبر البنات وقيل اكبر الأولاد مطلقا، والذكور أكبرهم القاسم وعبد الله وإبراهيم من الجارية. اكبر الذكور القاسم واكبر البنات زينب والخلاف في أيهما أكبر.القاسم مات عن سبعة عشر شهرا ،والحكمة في ذلك أنه خاتم النبيئين و لوعا ش أولاده الذكور لكانوا أنبياء أو بعضهم علي الأقل فإذا لايكون هو آخر الأنبياء ؛فلهذا أخذ الله أولاده كلهم مات صغيرا فخرج نسله من بناته ،تبني الحسن والحسين أولاد فاطمة والحقهما بنسبه الشريف وهما أبوا الشرفاء .
*عبد الله المطلق *
في تفسيره لقوله تعالي: ((وانه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا)) الآية.19  من سورة الجن ، قال الشيخ إبراهيم نياس (ص 236/ج6):
عبد الله اسم محمد صلي الله عليه وسلم من احب أسمائه إليه فانه صلي الله عليه وسلم يقول:((أنا سيد ولد ءادم ولا فخر))أي لا فخر لي بالسيادة إنما فخري بالعبودية ، وهو مقامه صلي الله عليه وسلم عبدا اعلي من مقامه سيدا ؛أنظر بين المقامين ، هو يكون سيدا علينا اذاكان بين الخلق، اذاكان بين الخلائق فهو سيدهم ،وأما اذاكان في حضرة الله تبارك وتعالي فهو عبد الله وكونه في حضرة الله تبارك وتعالي مقامه في ذلك الوقت اعلي من مقامه وهو في الخلق ، فلهذا قال:(أنا سيد ولد ءادم ولا فخر) فخري بالعبودية ؛لذا حلاه الله بهذا الإسم في اجل مقاما ته :ليلة الإسراء ، ووقت نزول الوحي، وحين الدعوة إلي الله تبارك وتعالي :في الإسراء ((سبحان الذي أسري بعبده)) نزول الوحي((الحمد الله الذي انزل علي عبده الكتاب))،مقام الدعوة إلي الله((وانه لما قام عبد الله يدعوه)) فهذه اعلي مقامات الرسول صلي الله عليه وسلم وفي كل منها سماه عبدا وهذا أرفع مقاماته وهو عبد الله المطلق الذي استغرقت عبوديته جميع العوالم فكل عبد جزء من محمد صلي الله عليه وسلم وهو العبد المطلق ،فلهذا صلح أن يكون وحده عبد الله لأنه ككل أو هو الكل :
وليس علي الله بمستنكر                        أن يجمع العالم في واحد.
عبد الله وسيد الخلق محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ،وحرصا علي صون إيمان الأمة عن أن يقعوا فيما وقع فيه الأمم قبلنا: اليهود قالوا غزير ابن الله والنصارى قالوا المسيح ابن الله ، فلو قال القرءان سبحان الذي أسري بنبيه (نبيه وبنيه لا فرق بينهما في الكتابة) ربما ضلت الأمة كما ضلت النصارى قبلنا.
فعلي هذا تجد الحق يصرح في محمد بالعبودية في اعلي مقاماته لئلا يقع الالتباس بين مقام العبد ومقام الرب فا لحضرتان  متقاربتان  جدا.

4) الصلاة علي النبي صلي الله عليه وسلم:
*الصلاة عليه رفع درجاته وإظهار فضيلته *
قال الله تبارك وتعالي:((إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)) –الآية .56  من سورة الأحزاب .. قال الشيخ إبراهيم نياس في تفسيره لهذه الآية الكريمة (ص 81/ج 5):
صلاة الله علي محمد صلي الله عليه وسلم رفع درجاته وإظهار فضيلته وتشريفه ،وصلاة الملائكة علي النبي صلي الله عليه وسلم إظهار درجته العظمي عند الله وإظهار شرفه ،وصلاة الله علي عباده غفرانه لهم ومغفرته ورحمته وصلاة الملائكة علي عباد الله الاستغفار لهم . والله وملائكته يصلون علي النبي محمد صلي الله عليه وسلم.
قالوا يا رسول الله السلام عليك نعرفه فكيف الصلاة عليك ؟ قال:((قولوا: اللهم صلي علي محمد وعلى آل محمد كما صليت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم في العالمين انك حميد مجيد ))..
شبه الصلاة علي النبي بالصلاة علي إبراهيم وان تباين المقامان، مقام النبي اعلي واجل من مقام الخليل فكيف تكون الصلاة علي النبي كالصلاة علي إبراهيم والنبي أجل قدرا منه؟ صلينا علي إبراهيم لأنه هو الذي بني الكعبة ودعانا إلي الحج وطلب لنا الرحمة من الله والمغفرة فكا فاناه علي هذا بالصلاة عليه كما صلينا علي النبي صلي الله عليه وسلم ،وصلاتنا علي النبي طلبنا من الله أن تكون كما صلي علي إبراهيم أي بأن يتجلي الحق للنبي صلي الله عليه وسلم بالجمال كما تجلي لإبراهيم بالجمال وان تباين المقامان ،فكلهم في مظهر جمال وان تفاوتت المقامات .. تفاوت المقامات لا ينافي الاشتراك في مظهر التجلي.
قال أبي بن كعب: يا رسول الله إني أحب أن أجعل لك ثلث أعمالي كلا الصلاة علي النبي صلي الله عليه وسلم قال: إذا فعلت يكون خيرا ولوزدت لكان خيرا لك ،فقال : ثلثين قال:إن زدت لكان خيرا لك ،قال:أجعل كل أعمالي الصلاة عليك ،قال:إذا تكفي همك ويغفر ذنبك .
أفضل العبادات إذا الصلاة علي النبي صلي الله عليه وسلم، فأمرنا الله تبارك وتعالي بعد ما أخبرنا إن الله وملائكته يصلون علي النبي، أن نقوم بالصلاة علي النبي صلي الله عليه وسلم والتسليم عليه.سأله أنس :من أحق العباد بك يا رسول الله ؟ فقال :أكثرهم علي صلاة .أكثر الناس صلاة علي رسول الله صلي الله عليه وسلم أولي الناس بالنبي صلي الله عليه وسلم وهذه الرواية أحسن من أولي الناس بشفاعته صلي الله عليه وسلم .قال الرسول صلي الله عليه وسلم أن أكثر الناس صلاة عليه هو أولي الناس به.
فعلي هذا الصلاة علي النبي طريقة توصل العبد إلي الله تبارك وتعالي حتى ان من لم يجد شيخا مربيا ،فان الصحبة مشروطة في الوصول إلي الله تبارك وتعالي ، فلوصلي الإنسان صلاة الثقلين وصام صيامهم وقرأ قراء تهم ما وصل إلي الله بدون صحبة مرشد ،بيد ان الصلاة علي النبي صلي الله عليه وسلم ربما تقوم مقام شيخ مرشد في حق من فقد مرشدا ،كانوا إذا طال عليهم الطريق يستمرون علي الصلاة علي النبي صلي الله عليه وسلم حتى يجدوه فيكون هو مربيهم .
كان واحد يسافر من الحج مع أبيه فمات أبوه في الطريق فتورم جسده وانتفخ بطنه واسود وجهه وازرقت عيناه أي ظهرت علامة الشقاوة علي الميت،فجلس الولد وكان من الصالحين يبكي ويستغفر لأبويه حتى جن الليل نام فرأي شخصا جميل الصورة منور الوجه فأتي ومسح علي وجه أبيه فابيض وجه أبيه ورجع انتفاخه وصار يعبر مسكا فتعلق به الولد: بالله عليك أنقذت أبي من أنت؟ قال: أنا محمد المصطفي، كان أبوك يكثر من الخطيئات لكنه كان يصلي علي فلما وقع في هذه الحالة جئته لا فرج عليه.

* لا تجعلوني كقدح الراكب *
في تفسيره لقوله تعالي:((هو الذي أرسل رسوله بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين كله ولوكره المشركون)) الآية33.من سورة التوبة ،قال الشيخ إبراهيم نياس (ص 412 /ج2):
يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم (لا تجعلوني كقدح الراكب ) يخلف وراء الركاب حتى إذا احتيج تنول ولكن أذكروني في أول حديثكم وفي وسطه وفي آخره. لا تجعلوني كقدح الراكب .. أذكروا النبي صلي الله عليه وسلم دائما بالصلاة عليه..أن تذكروه في أول أمركم وفي وسطه وفي آخره صلي الله عليه وسلم ((إن الله وملائكته يصلون علي النبيء يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما))،هو باب الله من أراد دخول حضرة الله تبارك وتعالي فالباب رسول الله صلي الله عليه وسلم ولا باب غيره. وظهرت معجزاته في الأشياء ربما عثر علي حجارة مكتوب فيها بقلم القدرة:لا اله إلا الله محمد رسول الله، وفي بعض الأشجار في بلاد الهند تفتح ورق شجرة فتجد مكتوبا لا اله إلا الله محمد رسول الله ، وفي بعض الحيتان .
وعد الله أنه سيعلي الإسلام علي جميع الأديان المخالفة له يكون أعلي منها أو يمحق جميع الأديان حتى لا يبقي علي وجه الأرض دين سوي الإسلام.
الإسلام يكون فوق جميع الأديان وهذا ما وقع  الآن لا يبقي دين علي وجه الأرض يشاكل الإسلام في شكله وسيمحق جميع الأديان ويبقي الإسلام وحده .. وان كان الكفار لا يحبون ذلك فذلك وعد الله تبارك وتعالي وسيقع في المستقبل القريب إن شاء الله .

5 ) الإسراء والمعراج :
*من أعظم مقاماته إسراؤه من العالم السفلي إلى العالم الأعلى*
ضمن تعليقه علي الآية الكريمة :((بسم الله الرحمن الرحيم سبحان الذي أسري بعبده ليلا من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من ءاياتنا إنه هو السميع البصير)) ـ الآية .1  من سورة الإسراء ،قال الشيخ إبراهيم نياس (ص 34/ج 3):
هذه نزلت في إسراء النبي صلي الله عليه وسلم اسري به بمكة ليلة سبع وعشرين من رجب ،ليلة الاثنين ،فهو صلي الله عليه وسلم ولد يوم الاثنين وبعث يوم الاثنين واسري إلي السماء يوم الاثنين ،وخرج من مكة مهاجرا يوم الاثنين ،ووصل المدينة يوم الاثنين،وتوفي صلي الله عليه وسلم يوم الاثنين ،كل أطواره صلي الله عليه وسلم وتقلباته تصادف يوم الاثنين؛ ولعل السر في ذلك أنه هو ثاني الحضرات كما أن الله تبارك وتعالي له الأحدية فالرسول صلي الله عليه وسلم هو الثاني ،فلهذا جاء يوم الاثنين الذي هو ثاني الأيام يوم أطواره صلي الله عليه وسلم .
بات الرسول الله عليه وسلم في بيت أم هانئ أخت علي بن أبي طالب نائما بين رجلين فأتاه جبريل بعد نوم الناس بدابة أطول من الحمار وأقصر من الفرس فأيقظ النبي صلي الله عليه وسلم فشق قلبه وغسله بماء زمزم وأتاه بدابة قال له :إن ربك يناديك لكرامة ما أكرم بها عبدا قبلك ولن يكرم بها عبدا بعدك.وهذه الدابة مركبك وحافرها مع بصرها،أينما وقع بصرها وقع حافرها،فأراد النبي صلي الله عليه وسلم إن يركب فتمنع البراق فقال له جبريل: مهلا يا براق أبمحمد تفعل هذا وهو أكرم الأولين والآخرين؟! فخجل واستحيي وعرق فخرج من عرقه الورد،فركب صلي الله عليه وسلم فوقع حافر الدابة في بيت المقدس ، فحفر جبريل وقال : هذه الحلقة مربط الأنبياء فربط صلى الله عليه وسلم بها براقه ،ودخل المسجد ووجد جميع الأنبياء والمرسلين صفوفا ينتظرونه ليصلي بهم إماما ،فصلي بهم صلي الله عليه وسلم إماما ،وقف علي الصخرة وأثر قدمه عليها إلي يومنا هذه فلما جلس قال:عطشت عطشا ما سبق لي مثله قط فأوتيت بانا ء ين أحدهما خمر والآخر لبن فشربت اللبن،شربت حتى أبقيت قليلا، فقال جبريل:الحمد الله اخترت الفطرة،لو شربت الخمر لارتدت أمتك ولو شربت اللبن كله لما بقي أحد من أمتك لم يؤمن، قال:آتني بالباقي أشربه قال:جف القلم،هكذا قدر الله تبارك وتعالي.
فمن هناك أوتي بالبراق فتجاوز إلي السماوات .
النبي صلي الله عليه وسلم اسري به خمسة وثلاثين إسراء ولكن بعضها منام وبعضها بالروح كاسراءات العارفين ، ولكن هذا الإسراء انتقل بجسده وروحه إلي قاب قوسين أو ادني .
والإسراء، العمل من الله ليس من محمد، لم يقل سري، ولكن الذي يقدر علي كل شيء هو الذي اسري به، "بعبده" لم يقل بنبيه لو قال بنبيه لأمكن فيه التصحيف فضللنا كما ضل النصارى،بنبيه وببنيه خطهما واحد،فصونا لإيماننا قال"بعبده"ولم يقل بنبيه .
الرسول الله صلي الله عليه وسلم صان الله أمته عن أن يعبدوه أو يعتقدوا فيه بنوة أو الوهية، لأن الله حلاه بحلية العبودية في أكبر مقاماته؛أعظم مقامات الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يسرى من هذا العالم السفلى إلى العالم الأعلى ، ووقت نزول الوحي عليه ، ووقت دعوة الخلق إلى الله ، في كل هذه المقامات سمي عبدا "سبحان الذي أسري بعبده ليلا"، "الحمد الله الذي أنزل علي عبده الكتاب " "وانه لما قام عبد الله يدعوه "..
وهذا الإسراء وقع في ظرف من الليل ليس الليل كله إنما جزء من الليل يسير، منكرا لأنه لم يعرف قدر ما مكث الرسول الله صلي الله عليه وسلم في الإسراء.والليل هو محل الخلوات مع الأحباب.
سؤال: الله تبارك وتعالي قال:((وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض))ولم يدخل "من" التبعيضية في حق إبراهيم بل أراه ملكوت السماوات والأرض،ولم يدخل "من"في حق النبي  صلي الله عليه وسلم ((لنريه من ءايا تنا)) ،وهو أعلي مقاما من إبراهيم ؟.
أنظر مابين المقامين :"نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض "،هو آيات السماوات والأرض هي التي رأي إبراهيم ،ومحمد لنريه من ءاياتنا" آيا ت  حضرة الله تبارك وتعالي التي ليس لها نهاية ((اوحي إلي عبده ما أوحي))،((دنا فتدلي فكان قاب قوسين أو أدني )) .
الرسول الله صلي الله عليه وسلم رفعه الله فتجاوز السماوات السبع والعرش والكرسي ومستوي وتجاوز سبعين ألف حضرة، قد خرج من جميع الكائنات لأنه ثمرة الكائنات والثمرة لابد أن تخرج علي رأس الشجرة أو علي رأس السنبلة.لما كان هو ثمرة هذا الكون لابد أن يخرج كسنبلة تخرج من الزرع فخرج حتى انفصل من هذا العالم ووصل إلي حضرة الله تبارك وتعالي.
موسي كلمه الله عند الطور وقص علينا ما جري بينهما،والرسول الله صلي الله عليه وسلم أبهم ما جري بينه و بين  الله ((فأوحي إلي عبده ما أوحي ))،لا أحد يعرف لا ملك ولا نبي ولا ولي يعرف ما جري بينهما.. وموسي حكي علينا ما جري بينهما قال له:"وما تلك بيمينك يا موسي قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها علي غنمي ولي فيها مآرب أخري قال القها )) ...
حبيبان أحدهما خلوت به وتحدثت معه بشيء وأفشيته علي جميع الناس ولم تكتمه، وواحد كتمت ما بينكما حتى لا أحد يعرف ما بينكما، أيهما أعلي؟ محمد صلي الله عليه وسلم .
فلما شرب النبي صلي الله عليه وسلم اللبن رجع إلي البراق فرقع بصر.البراق علي السماء الدنيا فوقع حافره عليها فاستفتح جبريل، قيل من أنت؟ قال:جبريل قيل ومن معك؟قال :محمد قيل:وهل بعث إليه ؟قال: بعث إليه،ففتحوا فوجدوا في السماء الأولي آدم أبا البشر،وجدوه ينظر إلي يمينه فيضحك وإلي شماله فيبكي ، فقال:ما هذا يا جبريل ؟قال :هذا آدم أبو البشر إذا نظر إلي يمينه يري أرواح أولاده المؤمنين السعداء فيفرح بذلك ويضحك ، وإذا نظر إلى شماله يرى أرواح أولاده الكفار الأشقياء فيحزنه ذلك ويبكي،فسلم عليه الرسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: مرحبا بالنبي الصالح،مرحبا بالولد الصالح، سماه الولد لأنه أبو البشر ودعا له بالخير .
ووقع حافر البراق علي السماء الثانية فأستفتح جبريل، قيل: من أنت؟ قال:أنا جبريل قيل:ومن معك؟ قال محمد قيل: وهل بعث إليه؟ قال:بعث إليه ففتحوا فوجدا ابني الخالتين:يحي وعيسي فسلم عليهما فقالا: مرحبا بالنبي الصالح، مرحبا بالأخ الصالح.
ووقع بصر الدابة علي السماء الثالثة فوقع حافره عليها فأستفتح جبريل، قيل: من أنت؟ قال:أنا جبريل قيل:ومن معك؟ قال محمد قيل: وهل بعث إليه؟ قال:بعث إليه ففتحوا فوجدا يوسف عليه الصلاة والسلام وكان قد أعطي شطر الحسن فسلما عليه قال: مرحبا بالأخ الصالح، مرحبا بالنبي الصالح.
ووقع بصر البراق علي السماء الرابعة ووقع حافره عليها فأستفتح جبريل ففتح له، قيل: من أنت؟ قال:أنا جبريل قيل:ومن معك؟ قال محمد قيل: وهل بعث إليه؟ فوجدا في السماء الرابعة إدريس الذي يقول الله تبارك وتعالى: "ورفعناه مكانا عليا" فسلما عليه قال: مرحبا بالنبي الصالح مرحبا بالأخ الصالح.
ووقع بصر البراق علي السماء الخامسة فوقع حافره عليها، فاستفتح جبريل فقيل:من أنت؟ قال: جبريل، قيل:من معك؟ قال محمد(لا تسمع أحد يقول من محمد؟كل العالم يعرف محمدا)وهل بعث إليه؟(هذا فقط هو محل السؤال)،بعث إليه،فتحوا فوجدا هارون عليه الصلاة والسلام، وكان محببا في قومه، فسلم عليه،فقال: مرحبا بالأخ الصالح مرحبا بالنبي الصالح .
ووقع بصر الدابة علي السماء السادسة فوقع حافره عليها فأستفتح جبريل، فقيل: من أنت؟ قال:جبريل قيل:من معك؟قال محمد، قيل:وهل بعث إليه؟قال:بعث إليه.. ففتحوا فوجدا موسي عليه الصلاة و السلام فسلم عليه النبي صلي الله عليه وسلم فقال:مرحبا بالنبي الصالح مرحبا بالأخ الصالح،فلما ولي النبي صلي الله عليه بكي وقال:يا رب فضلته علي،هذا شاب ولد جديدا يدخل الجنة بسببه أكثر من بني إسرائيل.. فضلته علي فضلته علي،قال الرسول الله صلي الله عليه وسلم لجبريل من هذا المتكلم ؟قال: هذا موسي بن عمران.. قال: ما يقول؟ قال: يخاصم.. قال:يخاصم من ؟ قال: يخاصم ربه .
فوقع بصر البراق علي السماء السابعة فوقع حافره عليها فا ستفتح جبريل،فقيل: من أنت ؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟قال: محمد قيل: وهل بعث إليه؟ قال:بعث إليه ففتحوا، فوجدا إبراهيم الخليل،فسلم عليه وقال:مرحبا بالنبي الصالح مرحبا بالولد الصالح (سماه ولدا أيضا)،فوجد إبراهيم جالسا علي كرسي مسندا ظهره علي البيت المعمور تحت سدرة المنتهي عنده أولاد المسلمين الذين يموتون قبل البلوغ وهو يتكفل بتربيتهم وكفالتهم وتعليمهم القرءان .           
فتجاوز جبريل فقال للرسول الله صلي الله عليه وسلم: هاهنا منتهاي ، لايمكني أن أتجاوز هذا المقام،قال الرسول صلي الله عليه وسلم: في مثل هذا السيريترك الخليل خليله ؟ قال : أمامنا سبعون ألف حضرة إذا دنوت الواحدة منها حرقت كما تحرق الشعرة إذا جعلت في النار، فأنتهي جبريل ومضي الرسول الله صلي الله عليه وسلم وصار الملائكة يتلقون له حتى تجاوز الحضرات كلا ؛ مر بجماعة من الملائكة يمشون دائما فسأل إلي أين؟ فقال له الملك : لا أدري ، منذ أربعمائة ألف سنة وأنا واقف  هنا وهم يمرون لا ادري من أين يأتون  ولا أين يذهبون..((وما يعلم جنود ربك إلا هو))..
ورأي بعضا من الملائكة قائمين دائما،وبعضا منهم ركوعا، وبعضا منهم سجودا، وبعضا منهم جلوسا، فاستحسن هذا صلي الله عليه وسلم، ذهب حتى تجاوز المخلوقات جميعا..
الله تبارك وتعالي خلائقه لا يعلمها إلا هو((وما يعلم جنود ربك إلا هو))خلق ألف أمة :ستمائة في البحر وأربعمائة في البر، في البحر تجد سمكة تنظر إليها مدي بصرك لا تعرف منتهاها، وتجد سمكة صغيرة لا يمكن إدراكها بالبصر، وأن الله خلق ثلاثين عالما لا يعلمون أن الله يعصي قال الصحابة : أمن أولاد آدم ؟ قال :لا يعلمون أن الله خلق آدم قالوا: أين إبليس منهم ؟ قال: لا يعلمون أن الله خلق إبليس.
كان سليمان بن داود لما ملكه الله الدنيا وما فيها من الأنعام والوحوش وحيوانات البر والبحر والجن والإنس سأل الله تبارك وتعالي أن يوليه نفقة مخلوقاته قيل له :لا تقدر قال: سنة كاملة قيل : لا تقدر ، قال شهرا ، قيل : لا تقدر ،قال : يوما.قيل :لا تقدر. قال : أصنع لهم وليمة مرة واحده فقيل له : نعم أفعل. أمر الجن والإنس أن يشتغلوا في صنع الطعام فإن الله تبارك وتعالي رضي منه أن يصنع مائدة لجميع خلقه، فاشتغلوا حتى هيأوا مائدة طولها مائة وعشرون فرسخا، ملأها من أنواع الأطعمة فدعا المخلوقات فخرجت دابة واحدة من البحر فأكلت الجميع وقالت : زدني هذا ثلث ما كنت آكل في اليوم،واليوم وكلت إليك، نفد ما عنده وبقي الحوت جائعا "وما يعلم جنود ربك إلا هو ".
فلما وصلي المصطفي صلي الله عليه وسلم إلي الجنة ودخل فيها ورأي الأنهار تجري،قال: رأيت امرأة جميلة تتوضأ إلي جانب قصر فقلت:لمن هذا القصر ؟قالوا: لعمر بن الخطاب، فتذكرت غيرته فوليت مدبرا،فبكي عمرو قال:أعليك أغار يا رسول الله ؟!.
فلما وصلي إلي حضرة الله تبارك الله وتعالي حيث لا أين ولا كيف قال: التحيات لله الزاكيات لله الطيبات والصلوات لله، قال الحق : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله. لما سمع السلام من الجليل تحقق سلامته هو فأراد سلامتنا نحن قال:السلام علينا وعلي عباد الله الصالحين فقالت الملائكة:أشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله. أو جب الله عليه خمسين صلاة في اليوم والليلة والغسل من الجناية سبع مرات وعلمه علم الأولين والآخرين وزاده عليه. وأنصرف صلي الله عليه وسلم حتى وصل إلي موسي في السماء السادسة فقال: إن الذي كان اشد علينا في الذهاب وجدناه اشد رحمة بأمتي في الإياب، سأل الرسول الله صلي الله عليه: ما فعل الله بك ؟ قال : أكرمني واوجب علي أمتي خمسين صلاة في اليوم والليلة. قال : أرجع إليه إن أمتك لا تطيق هذا فرجع، فحط الله تبارك وتعالي خمس صلوات ورجع إلي موسي قال: أرجع أيضا قال : فمازلت أرجع إلي ربي وأسأله التخفيف وأرجع إلي موسي وموسي يقول لي: أمتك لا تطيق هذا ،حتى صارت خمس صلوات في اليوم والليلة فلما رجع قال له موسي: أرجع سله التخفيف أيضا قال: راجعت ربي حتى استحييت، وقال له الحق تبارك وتعالي : كنت أو جبت علي أمتك خمسين صلاة واليوم أو جبت عليهم خمس صلوات ومن جاء بحسنة فله عشر أمثالها تلك خمسون ما يبدل القول لدي .
في مدة الصلاة الإنسان يقف كما رأي  صلي الله عليه وسلم الملائكة وقوفا ويركع كما رأي الملائكة ركوعا ويسجد كما رأي الملائكة  سجودا، لهذا تجلي ما رأي النبي صلي الله عليه وسلم في صلاتنا.. ولحكمة أخري أن الله تبارك وتعالي خلق الخلق كلا لبني أدم ((خلق لكم ما في الأرض جميعا)) كل ما في الأرض فهولنا، ما خلق الله علي ثلاثة أقسام: قسم قائم دائما،وقسم راكع دائما ،  وقسم ساجد دائما. قسم قائم كالأشجار وما شاكلها قائم دائما، حيث أنها نعمة لنا يحب شكرها فالقائم في الصلاة يؤدي شكر ما خلق الله له قائما، وفي بعض المخلوقات ما هو راكع دائما كالدواب والأنعام كل ما يمشي علي أربع رجل فهو راكع، الركوع شكر لنعمة ما خلق الله للإنسان راكعا،وما لم يكن قائما ولا راكعا فهو ساجد، السجود الالتصاق بالأرض كما هو حال الحشرات والهضاب ونحو ذلك سجود دائما فنسجد شكرا لنعمة الله تبارك وتعالي بتلك الأشياء.
والعارف في سيرة يشاهد ما يشاكل حاله،فالرسول صلي الله عليه وسلم ترك الأنبياء والمرسلين جميعا ببيت المقدس، كلهم بقوا هنالك وذهب هو، وما أتي لسماء من السماوات إلا وجد بعض الأنبياء فيها، وذلك لمناسبة بين النبي صلي الله عليه وسلم وأولئك الأنبياء فالمناسبة بين النبي وآدم، الرسول الله صلي الله عليه وسلم وجد آدم في السماء الأولي لأن حالة النبي صلي الله عليه وسلم الأولي تشاكل حالة آدم ،آدم خلقه الله وجعله خليفة وأنزله الجنة وأباح له كل ما في الجنة فأخرجه عدوه منها هو وزوجته فأتيا إلي الأرض وهذا يشبه حالة النبي صلي الله عليه وسلم ولد بمكة حرم الله تبارك وتعالي ،لا يحب غيرها ولا يعرف غيرها فأخرجه أعداؤه منها ، فذهب إلى المدينة غريبا ، فلهذا صادف آدم في السماء الدنيا .  ولما وصل إلى المدينة أتته حالة ثانية وجد اليهود هنالك فصاروا أعداء له واليهود هم أعداء عيسى وهم أعداء يحي قتلوا يحي وهموا بقتل عيسي فرفعه الله فلهذا لما صارت حالته الثانية معاداة اليهود لقي في السماء الثانية عيسي ويحي.
وأنتقل إلي حالة ثالثة جاهد حتى فتح مكة وجاء قريش يعتذرون إليه فقال لهم:((لا تثريب عليكم يغفر الله لكم))،هذا يشبه حالة يوسف ،يوسف لما أتاه إخوته وقالوا له:((تالله لقد آثرك الله علينا وان كنا لخاطئين قال لا تثريب عليكم)).. والرسول يوم فتح مكة قال: ((لا تثريب عليكم)) قلت ما قال أخي يوسف، هذه حالته الثالثة.
وحالته الرابعة لما دوخ جزيرة العرب صار يكتب إلي جميع ملوك الدنيا يدعوهم إلي الإسلام أو يحاربهم، وإدريس أول من خط بالقلم، هو أول من كتب، فلما كان حالته الرابعة هي حالة إدريس وجدا إدريس في السماء الرابعة.
والحالة الخامسة لما صار النبي صلي الله عليه وسلم بهذه الحالة أحبه قريش محبة أشد من محبة بني إسرائيل لهارون،وهارون كان هو المحبب في قومه ، فكانت حالته الخامسة تشاكل  حالة هارون فلهذا لقي هارون في السماء الخامسة .
وحالته السادسة هي غزوة الجبارين، موسي أمران يدخل الأرض المقدسة لمحاربة الجبارين ، والرسول صلي الله عليه وسلم لما دوخ العرب أمر بغزو الجبارين فارس والروم فابتدأ بغزو تبوك وأرسل إلي البلقان،وتوفي فتمادي الخلفاء علي محاربة الجبارين  ،فتلك حالة موسي فلهذا لقي موسي في السماء السادسة .
ولما كان الحج هو حالة إبراهيم هو الذي بني الكعبة ودعا إلي الحج؛ فالنبي صلي الله عليه وسلم حالته السابعة هي الحج: حجة الوداع.
لهذا صادف هؤلاء الأنبياء في هذه السماوات .والرسول صلي الله عليه وسلم لما أسري الله به، أطلعه علي جماله وقربه قربا ما سبق لمخلوق قبله ولا بعده ، جذبه بجذبات  ادن،ادن،ادن، فاوجب عليه الصلاة لما شاهد من جمال الله تبارك وتعالي، لهذا كانت ناشئة من محبة، ناشئة من مشاهدة جمال الله تبارك وتعالي وحيث أن ديننا الإسلامي هدفه شيئان : الأول تعظيم الخالق تبارك وتعالي، والثاني طلب السلام ؛فلهذا كلفنا بالصلاة التي هي أول ركن فيها: الله أكبر تعظيم الخالق، وآخر الصلاة ما هو؟ السلام عليكم . تعظيم الخالق والسلام هو ديننا .
إذا تفكرت في الصلاة لا تري الاشيئا يؤذن بتعظيم الخالق أو شيئا يطلب سلامة العبد.(قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل. إذا قال العبد : الحمد لله رب العالمين قال الله: حمدني عبدى ، وإذا قال: الرحمن الرحيم ، قال الله تبارك وتعالي :أثني علي عبدي ، وإذا قال : ملك يوم الدين ، قال : مجدني عبدي ، فإذا قال : إياك نعبد وإياك نستعين قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل ".
"اهدنا الصراط المستقيم " إلي آخر الصلاة طلب السلام فقط ؛ الصلاة أولها تعظيم الخالق وآخرها طلب السلام .والإسلام دين التعظيم ودين السلام .   
الخاتمة نسال الله حسنها:
تبين من خلال تفسير الشيخ إبراهيم نياس لهذه الآيات الكريمة أن رسولنا ونبينا محمدا عليه الصلاة والسلام خاتم المرسلين المبعوث رحمة للعالمين هو أفضل الخلق أجمعين ، أرسله الله للناس كافة وكان النبي قبله يبعث إلى قومه فقط ، وأعطاه الإذن ليخرج الناس من الظلمات إلى النور لذلك استجابت له الإنس والجن ، وجمع فيه ما تفرق في الأنبياء من خصال حميدة حيث كان خلقه القرءان ، أعطاه الله من المعجزات ما لم يعط لنبي قبله ، خلقه الله من اجله ووهب له العلم وكان فضل الله عليه عظيما ، وهو عبد الله المطلق وفخره بالعبودية لا بالسيادة ، وسماه عبدا في اجل مقامته حين اسري به وحين نزول الوحي وحين الدعوة إلى الله ، وهو برهان الله الذي خلق الله جميع العوالم من نوره ، سماه بأفضل الأسماء واختاره من بني آدم فهو خيار من خيار من خيار ، وقلبه الله في الساجدين من الأرحام الطاهرة ،وصلى عليه وأمرنا بالصلاة عليه إظهارا لدرجته العظمى وتشريفا له وتكريما وجعل الصلاة عليه من أفضل العبادات ، اسري الله به وأطلعه على جماله وقربه قربا ما سبق لمخلوق قبله ولا بعده ، واوجب عليه -أثناء ذلك - فريضة الصلاة الناشئة من جمال الله تبارك وتعالى والدالة على الهدف من هذا الدين الذي هو تعظيم الخالق وإشاعة السلام فأولها التكبير وآخرها السلام ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل ) .
نسألك اللهم بجاه حبيبك محمد عليه الصلاة والسلام أن تهدنا الصراط المستقيم ، وترزقنا محبة هذا الرسول الكريم ذي الشأن العظيم، وان تملأ قلوبنا معرفة ومحبة لك ، وان تيسر لنا كل أمورنا ، وتثبتنا على الإيمان ، وتقينا كل الشرور والفتن ، وتعافينا وتنصرنا وترزقنا رزقا حلالا طيبا مباركا فيه ، وتوفقنا لما تحبه وترضاه ، وان لا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ، ونعوذ بك من فتنة المحيى والممات ومن فتنة المسيح الدجال ومن فتنة القبر،  ونعوذ بالله من غلبة الدين وقهر الرجال ، ونسألك اللهم أن تصغر الدنيا في أعيننا وتعظم جلالك في قلوبنا وتوفقنا لمرضاتك وتمتنا على دينك وطاعتك ، اللهم ارحم امة محمد اللهم أحفظ امة محمد اللهم ألطف بأمة محمد اللهم اعف عن امة محمد .
اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطك المستقيم وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم.
محمد الحافظ بن محم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق